أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

خلية حزب الله الـمُقاوِمَة والأسئلة العشرة .. بلال حسن التل

تفرض الحملة الرسمية المصرية على حزب الله وأمينه العام السيد حسن نصر الله، سلسلة من الأسئلة، التي لابد من طرحها، والتأمل في أبعادها، لمعرفة حقيقة ما يجري في منطقتنا. لأن الحملة المصرية ضد حزب الله هي إحدى إفرازات هذا الذي يجري في المنطقة. ومحاولات إعادة ترتيبها. وأول الأسئلة التي تطرح نفسها هو هل هناك فرق بين الأمن القومي المصري والأمن القومي العربي بشكل عام؟ ومبرر هذا السؤال ان الخطاب الإعلامي المصري وكذلك الخطاب السياسي يبني اتهامه لحزب الله على أساس أن ما فعله الحزب هو اعتداء على الأمن القومي المصري ويبالغ في خطورة التأثير المزعوم للخلية على الأمن المصري.
والسؤال الذي يتفرع عن السؤال عن العلاقة بين الأمن القومي المصري والأمن القومي العربي هو: أيهما يشكل خطراً على الأمن القومي ومنه المصري إسرائيل واحتلالها للأراضي العربية. وخلقها لحالة التوتر والقلق في المنطقة أم حزب الله الذي صار شوكة في حلق إسرائيل، وخنجراً في خاصرتها، وعقبة أمام أطماعها بعدما جدع أنفها، وكسر أسطورة جيشها الذي لا يقهر، وأجبره على الانسحاب من أرض عربية هي جنوب لبنان دون قيدٍ أو شرط. ودون ان يضطر لبنان إلى جعل جزءٍ من أراضيه منزوعة السلاح. ممنوع على جيشه دخولها أو الاقتراب منها؟!
∎ السؤال الثاني: إذا كانت مصر تعتبر ما أقدم عليه حزب الله، من محاولة لمساعدة أبناء فلسطين المحاصرين في غزة عبر الأراضي المصرية، خرقاً للسيادة المصرية. وعملاً غير مقبول ، فلماذا قبلت مصر ان تقوم بمثل هذا العمل في كثير من مراحل تاريخها المعاصر. عندما ساندت فصائل ومنظمات وأحزاباً كانت تعمل عبر حدود بلاد عربية أخرى؟ أو على أراضيها؟ بل ولماذا تقبل مصر التدخل في الشؤون الداخلية لبعض البلاد العربية فتنحاز لطرف فيها على حساب طرف آخر؟ مثلما يجري حتى الآن في لبنان. حيث تنحاز القاهرة لفريق لبناني دون الآخر. ولعل تضخيم قضية خلية حزب الله على الحدود بين مصر وفلسطين، والإعلان عنها في هذا التوقيت بالذات وبعد مدة طويلة من كشفها ومن ثم توظيفها سياسياً للنيل من حزب الله وأمينه العام، على أعتاب الانتخابات النيابية اللبنانية يدخل في باب التدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية. وهو الأمر الذي ينطبق أيضاً على الشأن الداخلي الفلسطيني. فرغم أن مصر تسعى لرعاية الحوار الوطني الفلسطيني فإن الوقائع والدلائل تشير إلى انحياز مصر لفريق فلسطيني على حساب الآخر، خاصة عندما تحاول ان تفرض على هذا الفريق شروطاً ومواقف معينة لحساب الفريق الآخر. مما يدخل في باب التدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية. فلماذا أباحت مصر لنفسها وما تزال، ما تحرمه على غيرها من الأشقاء؟!
∎ السؤال الثالث: إذا كانت مصر هي الحاضنة والداعمة لفلسطين وللفلسطينيين، ولقضية الأمة في فلسطين. فلماذا تصر على مواصلة حصار الشعب الفلسطيني في غزة وإغلاق معبر رفح منفسه الوحيد إلى العالم عموماً، وإلى أمته على وجه الخصوص؟ ولماذا تصر على تدمير الأنفاق وهي المتنفس البديل للمعابر الشرعية؟ وهل صار جريمة ان يسعى العربي والمسلم إلى إيصال الدعم للفلسطينيين المحاصرين ولو سراً. كما كانت تفعل خلية حزب الله حتى تقيم مصر الدنيا ولا تقعدها ضد هذه الخلية. وتوجه تهماً لأفرادها تصل عقوبتها حد الإعدام أو السجن المؤبد؟ فكيف تقول مصر أنها تدعم فلسطين و الفلسطينيين ثم تطارد من يحاول دعمهم بتهم تقود إلى الإعدام، أليس في ذلك تناقضاً بين الشعار والممارسة؟!
∎ السؤال الرابع: إذا كانت مصر تعتبر خلية حزب الله التي حاولت تقديم الدعم اللوجستي لأبناء فلسطين في غزة اعتداء على السيادة المصرية. فأقامت الدنيا ولم تقعدها. وجندت كل إمكانياتها السياسية والإعلامية للتشهير بحزب الله وأمينه العام. فلماذا لم تقم مصر بنفس ردة الفعل على الخلايا التخريبية وشبكات التجسس الإسرائيلية التي ضبطت في مصر. والتي عملت وما زالت على تجنيد بعض المصريين لحساب إسرائيل. والتي تنشر بين شباب مصر المخدرات وغير المخدرات من وسائل التدمير للبشر وللحجر وللمقومات الاجتماعية والاقتصادية المصرية. علماً بأن مصر ترتبط مع إسرائيل باتفاقية سلام لا تحترمها إسرائيل. بل تستغلها لمزيد من التجسس والتخريب في مصر. ومع ذلك تقوم مصر بإطلاق سراح جواسيس إسرائيل من أمثال عزام عزام الذي تم الإفراج عنه وإعادته لإسرائيل بعفو رئاسي. رغم اعتدائه الصارخ على سيادة مصر وأمنها القومي. أم ان إسرائيل صارت أقرب إلى بعض المحسوبين على مصر من أبناء جلدتها امثال مجاهدي حزب الله وجريمتهم الوحيدة أنهم قاتلوا إسرائيل وحاولوا دعم غزة؟!
∎ السؤال الخامس: ما دامت قضية خلية حزب الله قد صارت بين يدي القضاء المصري وصارت قضية تحقيقيه. فلماذا هذا التصعيد الإعلامي الذي يدخل في خانة التدخل السافر في القضاء. والاعتداء على استقلاله. ومحاولة التأثير عليه. وهو أمر مرفوض قضائياً في كل النظم القضائية. بما فيها النظام القضائي المصري. فلماذا لم يمنع النشر حول قضية خلية حزب الله خوفاً من شبه التأثير على القضاء، أسوة بما تم مؤخراً في قضية الفنانة سوزان تميم. أم ان سرية سوزان تميم أهم من أمن وسلامة وسرية المقاومين. الذين سعوا إلى دعم إخوانهم في غزة. علماً بأن بعض وسائل الإعلام المصرية قد أصدرت على أفراد خلية حزب الله أحكاما بالإدانة قبل ان يقول القضاء المصري كلمته؟!
∎ السؤال السادس: ما هي العلاقة بين إثارة قضية خلية حزب الله. التي كانت تسعى لدعم المحاصرين في غزة، عبر الحدود بين فلسطين ومصر، وإثارة قضايا أخرى في أكثر من بلد عربي وربطها صراحة أو ضمناً بحزب الله كما حدث في صعده باليمن على سبيل المثال؟ وإلى أي حد تدخل هذه الإثارة في المخطط الهادف إلى تشويه صورة المقاومة من جهة، وإغراق المنطقة بالفتنة المذهبية؟ خاصة ونحن نلاحظ الإصرار المقيت على إلصاق صفة الشيعي، كلما ذكر حزب الله. مع تأكيدنا بأن الانتماء للمذهب الشيعي ليس تهمة كما يحاول البعض ان يوحي. ولا يخرج معتنقه من الملة. بهذا أفتى علماء الأمة. ومنها الإمام الأكبر للأزهر الشيخ شلتوت، وسائر علماء الأمة الذين شاركوا في المؤتمر الإسلامي الدولي الذي عقد في الأزهر وشارك فيه مفتي مصر الحالي الدكتور علي جمعة؟!
∎ السؤال السابع: إذا كان الهدف من الهجوم على حزب الله هو تصفية حسابات مع إيران ومحاولة للحد من نفوذها في المنطقة. فقد أخطأ القائمون على هذا الهجوم، الهدف والوسيلة. فحزب الله صار جزءاً من ذاكرة الأمة. ووعيها، كصفحة مشرقة من صفحات تاريخها. بعد ان كسر مجاهدوه شوكة العدو. أما الوسيلة فما هكذا يتم الحد من أدوار الدول وحجومها. فإيران لم تصل إلى ما وصلت إليه من نفوذ، ودور إقليمي عبر الردح وعبر الشعارات الفارغة. ولكنها استبدلت ذلك كله بالعمل الجاد المبرمج، والمتابعة الحثيثة. خاصة على صعيد دعم المقاومة في فلسطين ولبنان وهو الأمر الذي لا تنكره المقاومة ولا إيران. بل كل منهما يفتخر بهذا الدعم باعتباره موجّهاً ضد عدو الأمة. وعلى الذين يعيبون على إيران أنها تدعم المقاومة ان يخجلوا من أنفسهم، بأن يسعوا هم للمساهمة في هذا الدعم ومشاركة إيران هذا الشرف. ومثل دعمها المقاومة، فإن إيران قد وصلت إلى ما وصلت إليه من دور ومكانة بفعل سعيها لبناء قدراتها الذاتية. وخاصة على صعيد التكنولوجيا. وملفها النووي خير شاهد على ما نقول. وعلى الذين يعيبون على إيران موقعها الإقليمي أن يفعلوا ما فعلته، من خلال تنميتهم لقدرات بلدانهم كما فعلت إيران، التي لم تكتفِ بذلك، بل سعت إلى تحرير إرادتها وقرارها السياسي. ودفعت تكاليف ذلك، ثم حصدته بأن صارت رقماً صعباً في المنطقة. وعلى الذين يعيبون على إيران أن يخجلوا من أنفسهم، وان يحذوا حذوها في تحرير إرادتهم وقرارهم. وعندئذ يستطيعون لعب أدوارٍ مميزة في الإقليم. أو استعادة أدوار فقدوها في الإقليم أيضاً.
∎ السؤال الثامن: لماذا لم يتحرك حتى الآن وبشكل جاد. أي طرف عربي أو إقليمي لاحتواء الأزمة بين مصر وحزب الله. وهي أزمة تزيد الصف العربي والاسلامي بلبلة وانشقاقاً ولا تخدم إلا العدو الإسرائيلي. خاصة وقد كنا نشهد هبات التوسط في أزمات أقل من هذه بكثير. أم أن هذا التباطؤ بالتوسط لحل الأزمة مقصود. باعتبار الهدف من هذه الأزمة تشويه صورة المقاومة سعياً للقضاء عليها وهو مطلب اسرائيلي أمريكي ومن ثم ممنوع التوسط في هكذا أزمة يسهم استمرارها في تحقيق هذا الهدف؟
∎ السؤال التاسع: إلا يلفت الانتباه حجم التباين الذي كشفته أزمة خلية حزب الله، بين رغبات شعوب الأمة ومواقفها، وبين ممارسات الأنظمة ؟ ففي الوقت الذي تلتف فيه الشعوب حول المقاومة وتدعمها بكل ما تمتلك. فإن الأنظمة تصر على تشويه المقاومة ومحاصرتها ومحاكمتها وتجفيف منابعها. على أمل القضاء عليها. وفي الوقت الذي لا تترك الشعوب سانحة لإعلان عدائها لإسرائيل ولوجودها في المنطقة. فإن الأنظمة لا تترك سانحة لتأكيد صداقتها لإسرائيل وسعيها لتثبيت وجودها واستثماراتها أقصى استثمار. فهل سيقود هذا التباين بين الشعوب والأنظمة إلى حالة مفاصلة بين الطرفين؟!
∎ السؤال العاشر: إلى أي حد تصب الأزمة الحالية بين مصر وحزب الله في مخطط إنهاء المقاومة، عبر جرها إلى معارك جانبية، لاستنفاذ إمكاناتها بعيداً عن ساحة المواجهة الرئيسية مع العدو الصهيوني. وفي الدفاع عن نفسها ضد تهمٍ باطلة، هدفها الوحيد إثارة الجدل حول المقاومة. وتخذيل الناس عنها. وخدش صورتها في وجدانهم. وهو الأمر الذي لن يتم مهما استمرت المعركة وهي ستستمر مع استمرار وجود العدو الإسرائيلي ووكلائه ولكنها ستحسم في النهاية لمصلحة المقاومة لأنها تعبير عن إرادة امة لن تموت

(123)    هل أعجبتك المقالة (102)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي