ما إن سرت شائعة عن وصول سيارات محملة بإسطوانات الغاز إلى المركز القريب من "بناية البطة" في حي "الصليبة" قلب مدينة اللاذقية، حتى بدأت جموع الأهالي تتهاوى من الأبنية على أنغام الأسطوانات التي تتدحرج على الأرض.
يقول مصدر محلي لـ"زمان الوصل" إن رجال أمن يجلسون أمام مركز التوزيع والعشرات منهم موزعون في محيطه، ينظرون بعين التفحص لكل شخص يمكن أن يكون هدفا لهم.
ويضيف "تجمع العشرات من كبار السن والأطفال وغاب عنصر الشباب لمعرفتهم بأنهم سوف يكونون هدفا لرجال الأمن إن لم يكن بالاعتقال المباشر فسيكون بتسجيل أسمائهم ومعرفة عناوينهم".
التجمع ممنوع فما زالت مظاهرات الأمس التي اندلعت في نفس المنطقة في ضمير الناس، ومازالت صور الشهداء المدنيين الذين تناثروا في المكان "مجزرة بناية البطة" ماثلة في الأذهان، ولا يبعد عنها مكان "مجزرة بن العلبي" سوى عشرات الأمتار، خسب وصف المصدر.
ويوضح المصدر كيف وضع الأهالي اسطواناتهم بجانب بعضها وابتعدوا عنها بعد أن أعطوها أرقاما، وحفظ كل واحد منهم دوره.
ويردف: "وقفنا جانبا بعد أن نظمنا الدور ننتظر قدوم سيارة الغاز، وصلت سيارات الأمن، طلب آمرهم أن يحمل كل واحد منّا اسطوانته ونقف بالدور خلف بعضنا".
علا صوت الآمر بالصراخ "التجمع ممنوع" وادّعى الخشية على جموع المنتظرين من "عملية إرهابية" تستهدفهم، يؤكد المصدر.
وبدأ الطابور بالاستطالة كان أوله عند "بناية البطة" في نهاية شارع "بور سعيد" وآخره غير معروف، حسب المصدر، ويضيف "أجبرونا على الوقوف صفا واحدا وكأننا في طابور عسكري، وبدأت سياراتهم الأمنية بالتجوال في المنطقة وتصويرنا بواسطة كاميراتهم".
وأردف "وقفت لساعات طويلة، شعرت أن الأمر يهدف لإذلالنا فقط وجعلنا نركع، أحسست بأنني رجل مسحوق، والذي زاد من فظاعة إحساسي معرفتي بأن زوجتي وأطفالي بحاجة للدفء والطعام المطبوخ".
ومع ذلك فقد قال"رغم إحساسي بالذل ولكنني رأيت الخوف في أعين رجال الأمن، وأنهم يخشوننا أكثر مما نخشاهم، وربما يخافون من اجتماعنا وتحولنا إلى مظاهرة قد تقلب الموازين، وتعيد الروح إلى النفوس المتهالكة".
*إذلال الصليبة والطابيات
اعتبر أبو العبد الصليباوي في حديثه لـ"زمان الوصل" أن النظام بين الحين والآخر يذكر الأهالي بالعبودية والخضوع، مشيرا إلى أن "طابور اليوم كان مفتعلا من قبل المخابرات ومخططا له".
وكشف عن وجود عدة مراكز لتوزيع الغاز في المنطقة، ولكنهم أصروا على حصر التوزيع في مركز واحد، وعدم توزيع الغاز على بقية المراكز، وتم اختيار المركز الموجود في مكان المجزرة التي ارتكبوها بحق المتظاهرين السلميين عام "2011" المعروفة بمجزرة "بناية البطة".
وأضاف "أرادوا زرع الخوف فينا بتهديدنا بالتفجير الذي حصل عند مركز توزيع الغاز في ساحة الحمام، والكثير من أهالي اللاذقية يرجحون أن الذي قام بالتفجير هو أحد عناصر الأمن، وأن الغسالة التي انفجرت قد تم تحميلها في سيارة (سوزوكي) العمومية من فرع المخابرات الجوية، وأن سائقها قد ذهب ضحية لعملية إجرامية، وعندما ترجل عنصر الأمن من السيارة وهرب قبل أن تنفجر الغسالة قبض عليه الأهالي، وسلموه لدورية أمن كانت متواجدة في المنطقة، وكأنها بانتظاره".
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية