أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

انتصارات أميركا الكارثية*

ترامب - ارشيف

كلما أعلن رئيس أميركي عن انتصار جديد في منطقة الشرق الأوسط، كان الخراب والدمار والموت تاليا لذلك الإعلان ففي العام 2003 أعلن الرئيس جورج بوش (الابن) انتصار جيشه في العراق وانتهاء العمليات العسكرية، غير أن الأحداث أكدت بأن الحرب الحقيقية بدأت منذ لحظة إطلاق ذلك الإعلان، إذا يعيش العراق في جحيم لا قاع له بعد تقسيمه والتأسيس لنظام حكم طائفي يقوده صبيان إيران من حزب الدعوة الإسلامية والذي تأسس وتربى في أحضان الإيرانيين منذ أواسط القرن الماضي، ما جعل إعلان بوش عن الانتصار مهزلة إنسانية وسياسية كان من نتائجها الكارثية تسليم العراق لإيران.

وفي العام 2011 أعلن الرئيس باراك أوباما سحب قواته من العراق بعد انتهاء مهمته في هذا البلد على حد زعم أوباما، وبعد بقليل احتلت "داعش" معظم الأراضي العراقية وقسم كبير من الشمال السوري وأعلنت عن قيام دولة الخلافة في العراق والشام وهدم الحدود بين البلدين، وقويت شوكة "داعش" إلى درجة مرعبة، ما استدعى تشكيل تحالف دولي يضم الولايات المتحدة ودولا أوروبية وعربية يهدف إلى القضاء على التنظيم الذي شهد فورة غريبة على إثر انسحاب الجيش الأميركي، وأيضا كان لإيران عبر ميليشياتها الطائفية الدور الأكبر في القضاء على "داعش"، وبالتالي تثبيت أقدام طهران في العراق وتحكمها بمفاصل البلد سياسيا واجتماعيا والأهم التحكم الاقتصادي خاصة بعد إعلان إيران بأحقيتها في إعادة إعمار العراق.

في أواخر العام الجاري أطلق الرئيس "دونالد ترامب" تغريدته المفاجئة على "تويتر" حول سحب قواته البالغ عددها ألفي جندي من الأراضي السورية حي – وفقا لتراحب– لا يوجد غير الرمال والموت وأن مهمة تلك القوات قد انتهت بعد القضاء على "داعش"، فكان الرد عمليات انتحارية دفع الأمريكيون من ثمنها أربعة قتلى، فيما سيطرت "هيئة تحرير الشام" المصنفة إرهابية في دوائر القرار الأمني والسياسي الأميركي على معظم مساحة الشمال السوري وصولا إلى حدود محافظة حماة.

من المعروف أن جنرالات كبارا في "بنتاغون" الأميركية رفعوا تقريرا إلى الرئيس ترامب ينصحون فيه بترك الأسلحة الأميركية الثقيلة بيد الفصائل الكردية التي ساهمت في القضاء على "داعش" لحماية نفسها في حال تعرض تلك الفصائل لهجمات انتقامية من التنظيم المتطرف وبطبيعة الحال، فإن عملا كهذا يثير حفيظة أنقرة وحكومة أردوغان التي تعتبر تلك الفصائل الكردي تهديدا لأمنها القومي وتضعها في رأس قائمة المنظمات الإرهابية، ولولا تهديد ترامب بتدمير تركيا اقتصاديا لكانت القوات التركية الآن تنهي معاركها في "منبج"، لكن تهديد ترامب لجم اندفاعة أنقرة ودفعها للتروي قبل التورط في عملية تستفز الأمريكيين، وفي حال دخول القوات التركية إلى الشمال، وحدوث معارك بينها وبين الفصائل الكردية تشتعل المنطقة من جديدة ما يستتبع حدوث فوضى عارمة قد تستغلها الخلايا العنقودية النائمة لـ"داعش" لتحقيق تمدد على الأرض، وهذا سيستدعي بطبيعة الحال تدخل إيران عبر ميليشياتها في سوريا للقضاء على "داعش" ما يعني دورا إيرانيا جديدا في القضاء على "داعش"، وبذلك يكون بقاء إيران في سوريا أمرا ضروريا وملحا لحفظ الأمن في البلاد ما يعني في الوقت ذاته ردا على كل الدعوات الدولية بخروج القوات الإيرانية من سورية، أي أن الولايات المتحدة تقوم حقا وفعلا بكل ما من شأنه تثبيت أقدام إيران في سوريا ودعم هذا التواجد على عكس ما تعلنه واشنطن على لسان مسؤوليها السياسيين وخبرائها العسكريين، فواشنطن ومنذ قيام ما يسمى الثورة الإسلامية في إيران لم تتوقف لحظة عن دعم نظام الملالي وتطوير سيطرة طهران ومشاريعها على المنطقة.

*أما بعد - زاوية جديدة - زمان الوصل
(223)    هل أعجبتك المقالة (232)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي