لفظت إحدى المتطوعات المشهورات في جيش النظام آخر أنفاسها اليوم الخميس في "مشفى الباسل" بطرطوس، عقب أيام قليلة من إدخالها إليه وطلب التبرع لها بالدم.
فقد نعى موالون من سموها "البطلة الشهيدة "لينا علي إبراهيم" المتحدرة من قرية "بيت الناصري" بريف طرطوس، بعد "وعكة صحية" تعرضت لها ونقلت على إثرها إلى "مشفى الباسل" للعلاج.
وتعد حكاية "لينا إبراهيم" ونهايتها مثالا حيا لمتاجرة النظام ورأسه خصوصا بقضايا الذين قتلوا أو جرحوا في سبيل الدفاع عن كرسيه، فمنذ إصابتها برصاصة أثناء خدمتها في جيش النظام، حرص إعلام الأسد على تكرار قصة "لينا" بوصفها البطلة واللبوة والقديسة التي حاربت الإرهاب.
وبينما كانت تعاني آلام تمزق الأحشاء وتهتك 3 فقرات بالظهر وشللا تاما في الطرفين السفليين، كان عليها أن تحضر مختلف المناسبات على كرسيها المتحرك، لتطنب في وصف "أمجاد" و"بطولات" جيش نظامها وتذهي أبعد ما تستطيع في مدح "القائد الرمز"، فتصب للمستمعين المذهولين خمرة من المبالغات تزيدهم ذهولا، و"تقديسا للبوط العسكري".
وعلى هذا المنوال، بات من النادر أن تخلو مناسبة مخصصة لقضايا جرحى جيش النظام من وجود "لينا"، وبات من شبه المستحيل أن يمر مسؤول رفيع أو صغير بجانبها دون أن يلتقط الصور بصحبتها، بوصفه راعي جرحى الجيش والحريص على شؤونهم.

وكان من بين أبرز هؤلاء المسؤولين محافظ النظام في طرطوس "صفوان أبو سعدى"، الذي استثمر قصة رعايته لـ"لينا" في أكثر من مناسبة، وحرص على الظهور في صورة الملاك الرحيم عندما زارها مؤخرا في "مشفى الباسل"، ولكن الجريحة القعيدة قضت حتفها في هذا المشفى البائس كالكثير من مشافي النظام.
واللافت أن المتاجرة بقضية "لينا" بلغت أوجها مع بشار الأسد، الذي وقع بنفسه على كتاب ألفته بعنوان "حي على الزناد" وأطلقته مؤخرا (قبل أقل من شهرين)، عقب تعقيدات عديدة تطلبت حصولها على موافقات أمنية وموافقة وزارة إعلام النظام لإطلاقه.
وقد وقع بشار الأسد على الكتاب بعبارة قال فيها: "لجراحكم النبيلة، لأرواحكم المقدسة، لكل قطرة دم سالت من المقاتلة قبل المقاتل وفاء لهذا الوطن، لعيونكم وأياديكم وأقدامكم ولكل جزء من أجسادكم الطاهرة التي زرعت في تراب الوطن ننحني إجلالا وتقديرا".
وقد تم تدوين كلمات بشار هذه على قالب من الحلوى، قطعه محافظ طرطوس ومسؤولون آخرون خلال إطلاق كتاب "حي على الزناد"، الذي تهافتت وسائل إعلام النظام وصفحاته على إبرازه بوصفه (أي حفل إطلاق الكتاب) دليلا دامغا على اهتمام بشار الأسد شخصيا بقضايا جرحى جيشه.
لكن هذا الاهتمام الكاذب لم يلبث أن تبدد سرابه سريعا، حيث شهد مشفى الباسل آخر دقائق حياة "البطلة" التي طبل النظام وإعلامه طويلا لها ولـ"شجاعتها" وقالوا بألسنتهم معلقات في "افتدائها" وتمجيدها، لكنهم بخلوا عليها في النهاية –كما عشرات ألوف الجرحى- بعلاج في الخارج يمكن أن ينقذها أو يخفف عنها، فيما يستطيع ابن ضابط متوسط في المخابرات أن يطير من ساعته إلى أي عاصمة للسياحة أو للعلاج من وعكة صحية بسيطة.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية