أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

متى تتدحرج رؤوس الفاسدين والمفسدين؟ ... إلياس الفاضل

منذ وجدت الحكومات على وجه الأرض، وجد الفساد وقصص الفساد تجري قديماً وحديثاً، ولا يخلو مجتمع من شرورها وآثامها.

 

وسورية ليست المدينة الفاضلة.‏

والفساد موجود في المجتمع السوري، مثلما هو موجود في كل المجتمعات الأخرى.‏

فهناك بعض التجار الذين يحتكرون بعض المواد، لفرض أسعار مرتفعة عليها، وهناك بعض التجار الذي يلجؤون إلى غش المواد، ويتلاعبون بها، ويقدمونها للمواطن، وهي غير صالحة للاستخدام البشري، غير آبهين بما يجره عملهم من كوارث على صحة المواطن. وهناك من يتلاعب بالأسعار حتى يمتص دم الفقير وذوي الدخل المحدود.‏

أصحاب الضمائر النقية الحية، والأيدي الشريفة، يعيشون في إحباط كامل، ويدورون في حلقة ضيقة، لا يجدون لهم مكاناً ولو بحجم الكف، ليكسبوا الرزق الحلال والمال النظيف، ليعينهم في مسيرة الحياة الطويلة.‏

وهناك أشخاص تيبست ضمائرهم، وتراخت أيديهم يتحركون في الظلام، وفي وضح النهار، يتلاعبون وينتهكون حرمة المال العام، على أوسع نطاق ينهبون على المكشوف، وقد تجاوزوا كل القيم والمبادئ واسترخصوا الضمير والشرف واستغلوا المال الحرام وتلذذوا بكسبه غير المشروع، استطابوا مذاق لحم الدولة، فنزلوا فيه تقطيعاً وتمزيقاً، لا يردعهم رادع، ولا يوقفهم وازع.‏

وهناك أيضاً، قلة يتحفز أفرادها، ويتحسرون لأنهم لم يجدوا لهم طريقاً توصلهم للمشاركة في نيل حصة، مهما كان حجم الغنيمة السائبة.‏

وفي نفس الوقت تنزلق عيونهم على هذا الجهاز أو ذاك من أجهزة الدولة لعل باب السعد يفتح أمامهم فيملؤون جيوبهم بالمال الحرام.‏

في هذا المناخ، يقف المواطنون الشرفاء « وهم الأكثرية» وفي حلوقهم غصة، وفي حناجرهم مرارة، وفي قلوبهم حرقة ولوعة على ما يجري، وهم يأملون أن هذه الأيدي الطويلة ستواجه في يوم من الأيام سيفاً يبترها، أو على الأقل يقص أظافرها الغارقة في الحرام والرشوة، وسرقة المال العام.‏

الفاسدون والمفسدون من مرتشين، ومرتزقة، ومزورين وسماسرة يتصرفون كأن مؤسسات الدولة... مزارع لهم، بحكم مناصبهم التي يشغلونها فيسطون على المال العام، ويبددونه، ويوزعونه على المحاسيب والأزلام والأتباع.‏

الفاسدون والمفسدون مكشوفون، من أعمالهم نعرفهم، وسماتهم تدل عليهم موجودون في كل زاوية، وفي كل ناحية.‏

لقد أعلن الرئيس بشار الأسد الحرب على الفساد، ودعا إلى إقرار الحق وسيادة القانون.‏

كما دعا إلى إبعاد الرؤوس الخاوية من الضمائر والأمانة، والنفوس المحشوة بالطمع والجشع، والأنانية والشهوة إلى الحرام.‏

فلماذا هذا السكوت؟‏

لم يعد من الجائز أن يبقى الوضع مقلوباً، فيه السمسار والمرتشي وسارق المال العام، يطارد صاحب الضمير الحي، واليد النظيفة والنفس الضعيفة، والقلب النقي.‏

(إن الفساد مثل السرطان إذا استشرى في جسد لا يوقفه علاج، ولا تنفع معه جراحة. وخير السبل إلى وقفه هو القضاء عليه قبل أن يستفحل ويدمر خلايا الدولة ويزعزع أركانها.‏

في كل بلدان العالم يوجد فساد، ولكن هناك في المجتمعات المتقدمة على وجه التحديد، يعاقبون الفاسد. يتركون العدالة تأخذ مجراها. فهي وحدها تبرىء ساحة الشرفاء، وتدين الفاسدين والمفسدين، وتودع سارقي الأموال العامة في السجون، كي لا يصبح الفساد قاعدة.‏

(125)    هل أعجبتك المقالة (159)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي