أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"عصفور شو؟"..فيلم روائي قصير يستنطق الألم في سجون النظام

كشف مخرج الفيلم أنه جلس مع المفكر "ميشيل كيلو" لمرتين لمعرفة تفاصيل أكثر عن القصة وتفاصيل زنزانة الأم

وضع المخرج السوري الشاب "مجد السموري" لمساته الأخيرة على فيلم روائي قصير بعنوان "عصفور شو؟" مستوحى من قصة واقعية حدثت في أحد سجون النظام ورواها المفكر والمعارض السوري "ميشيل كيلو" منذ سنوات عندما طُلب منه أن يدخل إلى إحدى الزنزانات ويحكي قصة لطفل مسجون مع أمه.

وتابع "كيلو" أنه حاول أن يحكي للطفل قصة عصفور طار على الشجرة ليقاطعه الطفل، ويسأل "ما هو العصفور" فقال له، إن العصفور يطير على الشجرة، فرد بـ"ما هي الشجرة".

وحسب رواية "كيلو" فإن الطفل ولد في الزنزانة، وكبر فيها، لم ير النور في حياته، فكيف له أن يعرف العصفور والنهر والشمس والكرة. 

من هذه القصة المؤثرة نسج الكاتب والمخرج "مجد السموري" الحبكة الدرامية لفيلمه الجديد بإشراف "الحاكم مسعود"، وهو مخرج مسرحي ودكتور أكاديمي. ويروي الفيلم كما يقول مخرجه لـ"زمان الوصل" قصة سجان يُدعى عابد ينتقل إلى سجن جديد، ويكتشف أن شقيقه الذي مر 12 سنة دون أن يراه مسجوناً بنفس السجن.

وتابع "السموري" أن السجان "عابد" يكتشف أن طفلاً ولد في زنزانة أخرى ولا يفقه شيئاً ولا يعرف أي مفردة من مفردات الحرية السماء أو العصفور أو الأرض، ولكنه يعرف حيطان السجن والصحن الذي يتم إدخاله إلى الزنزانة من شباك بابها الصغير، ويعرف أمه والسجان، وتابع "السموري" أن "عابد"، وهو شخص متزوج، ولكنه لا ينجب أولاداً يقرر تبني الطفل وإخراجه خارج السجن، ولأن هذا السجان شبه أمي وثقافته لا تسمح له بتعليم هذا الطفل يستعين بأستاذ مسجون مثقف داخل السجن. 

المخرج الشاب أشار إلى أن اختيار وتحديد مكان التصوير كان تحدياً بالنسبة لفريق الفيلم مضيفاً أنه وجد صعوبة في مقاربة مكان التصوير للأفرع الأمنية، ولذلك استعان بصورة حقيقية من داخل أحد هذه الفروع، وعلى أساسها تم تصميم الديكور في كرفان يحوي ثماني زنزانات متوزعة على ممر طويل.

وكشف مخرج الفيلم أنه جلس مع المفكر "ميشيل كيلو" لمرتين لمعرفة تفاصيل أكثر عن القصة وتفاصيل زنزانة الأم، وحتى لون اللمبة الموجودة في الزنزانة وشكل السجانين، لافتاً إلى أنه واجه صعوبة أيضاً في تصوير شخصية الأم من الداخل أكثر من الطفل الذي كان مجرد صفحة بيضاء، أما الأم التي اعتقلت بدلاً من والدها- أحد منتسبي الإخوان المسلمين- ووضعت في المعتقل كرهينة، حتى يسلّم نفسه، فتعرضت لتجربة اغتصاب بشعة وبعدها حبلت وأنجبت داخل الزنزانة، وكانت شخصية غامضة ومزيجاً من الاضطراب النفسي والعقلي والخوف والهلع. وكشف محدثنا أنه أجرى إحصائية بسيطة سأل فيها 50 امرأة متزوجة وغير متزوجة سورية وغير سورية، وحتى من جنسيات أجنبية عن موقفهن لو كنّ في نفس ظرف الأم، وتم اغتصابهن وأنجبن طفلاً دون معرفة والده، وماذا يفعلن وهل يبقى معهن أم يخرجنه خارج السجن، وكانت إجابة نسبة كبيرة من النساء اللواتي تم سؤالهن بأنهن يعمدن حينها لإجهاض الطفل.

وأجابت أُخريات في حال تأمنت له حياة كريمة خارج السجن فلا مشكلة من اخراجه، ولكن مجتمعاتنا العربية لا تعترف بطفل ليس له أب ولذلك يفضّلن إبقاءه داخل السجن. 

وأدى شخصية الطفل السجين الطفل "مصطفى عبد السلام" الذي سبق أن شارك المخرج في فيلمه السابق "وطن" ولفت "السموري" الذي يقيم في الأردن منذ سنوات إلى أنه وجد في داخل الطفل طاقات فنية مميزة بحاجة لصقل وتدريب، مضيفاً أنه عمل معه على شخصية الطفل السجين التي يجسدها، وكيف يمكن أن يؤدي الهدف وكيفية تقديم الإحساس المطلوب، لافتاً إلى أنه شرح للطفل مصطفى قصة دوره بصندوق صغير تم وضع بذرتي زيتون داخله وعليه أن يتخيل هاتين البذرتين كشخصيتين موجودتين طوال حياتهما داخل الصندوق، وماذا يمكن أن يعرفا خارجه، وبهذه الطريقة عاش الطفل الممثل حالة السجن وهواجسه.

وأردف "السموري" أن شخصية الطفل السجين لم تكن طبيعية لأنه في المحصلة ليس طفلاً عادياً وكذلك ردات فعله، وحتى كلامه فيه نبرة صراخ وهو الذي اعتاد على سماع أصوات تعذيب وآهات المعذبين وأنينهم في الزنازين المجاورة لزنزانته مع والدته، حتى تحول هذا الصراخ إلى أمر إلى طبيعي لأنه خُلق في هذا الجو ونشأ فيه، وكثيراً ما يطعن ويشكك بالمعلومات التي تعطيه إياها أمه. 

وتعيدنا قصة "طفل العصفور" إلى قصة رواها المؤرخ ابن خلدون في مقدمته الشهيرة منذ أكثر من 600 سنة عن رجل كان وزيراً وانتهى به الحال في السجن ومعه ابنه الصغير. فكان كلما حاول أن يشرح له شيئاً عن الحيوانات كان الولد يسأل والده: أتراه كالفأر يا أبت؟ فهو لم ير سوى الفئران في السجن ولذلك لا يعرف غيرها.

وتم إنتاج فيلم "عصفور شو" الذي يمتد على مدى 20 دقيقة كمشروع تخرج من قبل الكلية الأسترالية للإعلام "SAE Amman" بدعم من منظمة (يونسيف) وعدة شركات أخرى قدمت للفيلم دعماً لوجستياً من معدات وغيرها.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(274)    هل أعجبتك المقالة (357)

2019-01-08

وين فينا نشوف الفيلم؟.


مياس

2019-01-08

وين بينعرض الفلم.


التعليقات (2)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي