لم أكن أتوقع أن تفقد الحرية معناها.... ولم أستطع تصور حجم الحروب التي
شنت من أجل أن تفقد الحرية معناها ومن غير المستبعد أن تكون الحـــــرية
قد دخلت العولمــــــــة ودفنت مع كل القيم التي قبرت وإلى غير رجعة ولو في
القرن الحالي .
كانت الحرية حكايات المظلومين المستعبدين وكانت الدماء بغزارتها تسطر
إرثاً من الشوق يعطيها الهدف والغاية للخلاص في زمن النضالات., وكان
الإنسان المكافح ...والوطن المكافح ..والشعب المكافح يذود عن كل الأشياء
في سبيل الحرية ..... وبكل الأشياء .
مجموعة من الكلمات لا بريق لها في العصر الذهبي للفساد الأخلاقي والاجتماعي
والسياسي والاقتصادي , ولا تفهم بمعناها الذي ينبت شقائق النعمان بل يسقط
المعنى لسقوط اللغة والتاريخ وذوبان الأرقام في طيف الأدمغة التي فقدت جل
خصائصها .
على غير عادتي التزمت الصمت وامعان النظر والاستماع بدون استمتاع لما بقي
من حديث يعاتب المذبوحين من أجل حريتهم , ويجرد كل المحاولين لنيلها من
العقلانية ويتهمهم بالتهور والمغامرة, لأول مرة شعرت بحريتي باستخدام الصمت
وجلت بخاطري سنوات طويلة مضت باحثاً عن القيم والقوانين التي تجسد المفهوم
البسيط لحرية لم يعد لوجودها بين مشيب الشعر وعكازِ يرتجف خوفاً من السقوط
من معنى !!
هذا الإنتاج للكتل المتحركة المحسوبة مساراتها وجعلها مؤمنةً بوهم امتلاك حريتها
وهي تلهث للحصول على قوت يومها مستخدمةً أحدث تقنيات للعبودية المصنعة
خصيصاً للخلاص من حرية التفكير والتخطيط والإبداع أولاً وحرية الممارسة
والتنفيذ ثانياً .....وإلى اّخره من القيود , إنتاجاً من اللحوم الهائلة التي لا ترقى
لمصاف البشر وإنما لما يشبه الدمى التي تتحرك من شروق الشمس لغروبها
دون وعي للحياة .
لقد باتت الحرية هرمةً يلزمها مأوى للعجزة وبذالك تنضم للكثير ممن سبقوها
من رفاق أمسها , هناك تخلد لنوم لا أمل في قيامها ويقظتها في القريب .!
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية