أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"جبلة" المدينة المنسية في الثورة السورية

جبلة - عدسة شاب جبلاوي

أعاد ناشطون مدينة جبلة إلى الواجهة قليلا عندما أطلقوا منذ أيام حملة على "فيسبوك" بعنوان "أنقذوا جبلة" أو "# save_jableh".

جبلة المدينة الساحلية التي تتربع على ساحل البحر المتوسط وتبعد عن مدينة اللاذقية حوالي 30 كلم، حيث يشكل السنة والعلويين وبعض المسيحين النسيج الاجتماعي والديموغرافي لتلك المدينة التي يبلغ عدد سكانها 70 الف نسمة.

يكاد هذه الأيام يذكر اسم مدينة جبلة على مواقع الإعلام الثوري أو على صفحات التواصل الاجتماعي الثورية ليعرف الناس ماذا يحصل في هذه المدينة التي أصبحت من ناحية سرية أخبارها كمحافظة الرقة الخاضعة لتنظيم الدولة الإسلامية. 

ربما يعزى الأمر لاعتقال الكثير من الناشطين وهجرة الآخرين وخوفهم من المصير ذاته في مسلسل من الاعتقال ينتهي إما إلى غياهب السجون أو إلى الموت تحت التعذيب في أحد فروع الموت بالعاصمة دمشق.

فمدينة جبلة الساحلية التي كانت من أوائل المدن التي لحقت ركب الاحتجاجات المناهضة لنظام بشار الأسد في تظاهرة كانت أشبه بطوفان بشري بتاريخ 25/3/2011 ضمت تقريبا كل شباب ورجال المدينة من مختلف الفئات والأعمار، وشارك فيها أيضا بعض المعارضين المنتمين للطائفة العلوية.

واستمرت المدينة في حراكها السلمي كغيرها من المدن والبلدات السورية في أمل منها أن يقدم النظام أي إصلاحات سياسية تخرج البلاد مما هي فيه.

ومع تصاعد تلك الاحتجاجات التي أصبحت شبه يومية في مكان يراه نظام الأسد أحد معاقله القديمة وقلاعه الحصينة كان لابد من تأديب هذه المدينة التي خرجت عن طاعة الأسد ليكون يوم الاثنين الموافق 24 /4/ 2011 يوما أسود في تاريخ المدينة، حيث دخلت قوات الأمن مدعومة باللجان الشعبية وسط إطلاق نار كثيف إلى داخل المدينة وبدأت تطلق النار عشوائيا على كل شيء حي دون وجود أي مقاومة منظمة تذكر، لينتهي ذلك اليوم بعشرات الشهداء ومئات المعتقلين الذين كان لفروع الأمن في اللاذقية نصيب الأسد منهم.

استفاق أهالي المدينة في اليوم التالي على حواجز قطعت أوصال المدينة وحاصرت أبرز أحيائها الثائرة العزة والدريبة. ورغم هذا القمع الوحشي لم يسكت صوت الحرية في المدينة المطالب بإسقاط نظام الأسد الديكتاتوري ليقتصر على مظاهرات طيارة في أزقة المدينة الأثرية في حي الدريبة والتغرة، التي أعيد اقتحامها مجددا في حملة أمنية عسكرية على محافظة اللاذقية. وبعد اقتحام حي الرمل الجنوبي أوائل الشهر الثامن من عام 2011 والقضاء على آخر صوت يصرخ بالحرية في اللاذقية. كان أهالي جبلة في فجر 25/8/ 2011 على موعد آخر مع حوالي 1000 عنصر من قوات من جيش الأسد مدعومة بعناصر الأمن العسكري الذين رافقهم بعض المخبرين لإرشادهم على بيوت الناشطين والمعارضين.

ومنذ ذلك اليوم ومازالت هذه المدينة تشهد حالة من الحصار بالحواجز العسكرية والأمنية والقمع وانتهاكات لحقوق الإسان من اعتقالات وشهداء تحت التعذيب تسلم أوراقهم لذويهم ومئات من حالات الغياب القسري لمفقودين لا يعرف مصيرهم حتى هذه اللحظة، إضافة لإرهاب سكان المدينة الذين فر الكثير من عوائلها إلى الدول المجاورة هربا من أن يقع أبناؤهم فريسة لعصابات الخطف التي تغض قوات الأمن النظامية الطرف عنها وعن جرائمها والتي وقع ضحيتها الكثير من شباب المدينة وجدت جثثهم مذبوحة مرمية على أطراف المدينة كان آخرهم الشاب العشريني "معتز أنس ليلا".

وما زالت المدينة تشهد حالات اعتقال يومية وشرسة تطول حتى النساء وسط تعتيم من قبل أهالي المعتقلين والمخطوفين الذين يعيشون نوعا من الخوف والإرهاب النفسي بعد أن أصبحت ما يسمى "قوات الدفاع الوطني" هي اليد الضاربة في المدينة وصراعها مع قوات الأمن على تحقيق إنجازات أمنية من اكتشاف الخلايا الإرهابية التي تهدد أمن الوطن على حد زعمها في آخر ما نشرته تلك القوات عن وجود مخازن للسلاح داخل المدينة متناسية السلاح الذي بأيديها والذي يملأ الأحياء الموالية للنظام داخل المدينة التي أصبحت مدينة محتلة من قبل تلك الميليشيات بكل ما تحمله كلمة احتلال من معنى. 

مشاركة من المحامي عروة السوسي
(620)    هل أعجبتك المقالة (508)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي